بيان في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
الاحتلال عامل الـتّأثير السّلبي الأول على الصّحة النّفسية للفلسطينيين
.
تحتفل الأمم المتحدة، في 29 تشرين الثاني من كل عام، باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث تعتبره مناسبة للتأكيد على الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، في سبيل لإنهاء الاحتلال والصراع في الشرق الأوسط. ويأتي هذا اليوم بعد مضي ٧٣ عاماً من الانتهاكات المستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لحقوق الإنسان الفلسطيني في الوطن والشتات.
.
وفي ظل مصادرة أراضيه والاعتداء على حياته والحد من حريته والنيل من كرامته والسعي الحثيث لدفن الأمل في تقرير مصيره، تتعدد الأشكال التي ينتهك فيها الاحتلال حقوق الشعب الفلسطيني، مثل: هدم المنازل، الضم والتوسع، التهجير القسري، الاعتقال والاحتجاز، الحبس المنزلي للأطفال، اعتقال النساء والفتيات، الاعتقال الاداري، سوء معاملة الأسرى المرضى وتعريضهم للتعذيب والأوضاع المجهدة نفسياً، الاعتداءات الجسدية والضرب والإهانات والحط من الكرامة والمعاملة اللاإنسانية، سوء المعاملة على الحواجز ونقاط التفتيش الاحتلالية، الاستفزاز والاحتكاك اليومي من قبل جنود الإحتلال ومستوطنيه الذي يبقي الفلسطينيين على أعصابهم طيلة اليوم، القتل المتعمد، الإصابة، تقييد الحركة والاغلاقات، تصعيب الحياة، عدم الوصول لخدمات الصحة العامة، صعوبة الحصول على الغذاء، انتشار الفقر، قلة التشغيل، والتدهور الاقتصادي والسياسي والأمني بشكل عام وغير ذلك من الممارسات التي لا حصر لها.
.
في العام 2021، توالت سلسلة من الإجراءات الإسرائيلية في مدينة القدس، بما في ذلك: الإخلاء القسري للفلسطينيين في حي الشيخ جراح، المداهمات المتكررة للمسجد الأقصى من قبل شرطة الإحتلال، والاعتداء على المصلين واستفزازهم في المناسبات المقدسة. وفي غزة، شن الاحتلال غارات جوية وأرضية مدمرة على القطاع، أسفرت عن استشهاد 260 فلسطينيا بينهم 66 طفلا و 41 امرأة، وألحقت أضراراً جسيمة بالممتلكات، نجم عنها تهجير داخلي ل 75 ألف فلسطيني، وإغلاق معبري بيت حانون وكرم أبو سالم الخاضعين لسيطرة الإحتلال، وحظر عمليات الصيد قبالة ساحل غزة. وما يزال الوضع الفلسطيني متقلباً ومتوتراً وفي حالة تدهور في الضفة الغربية وقطاع غزة.
.
كما يتزامن هذا اليوم مع مواجهة الشعب الفلسطيني لجائحة كورونا للعام الثاني على التوالي، وما خلفته من تأثيرات على الصحة الجسدية والنفسية وعلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية للإنسان الفلسطيني. ونتيجة لهذا التدهور في الوضع العام في فلسطين، واستمرار هذه الاعتداءات وما تخلفه من صدمات نفسية معقدة ومركبة ومستمرة، فقد ترك ذلك تأثيراً خطيراً على رفاهية الفلسطينيين وصحتهم النفسية. كما زادت الاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين بشكل كبير في جميع القطاعات بما في ذلك الحماية، والصحة، والصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، والمأوى، والتعليم، والمياه والصرف الصحي، والأمن الغذائي. حيث أن التعرض للتهديد بالاعتقال وإعادة الاعتقال والإصابة والقتل والنزوح من المنزل وفقدان الأرض عن طريق المصادرة أو هدم المنزل يسبب اضطرابات نفسية شديدة ومعقدة وردود فعل قد تؤدي إلى صدمة شديدة، فلا يشعر الناس بالأمان لكونهم تحت التهديد المستمر بالتعذيب وسوء المعاملة، مما يجعلهم يشعرون بالعجز وخيبة الأمل والاكتئاب والقلق المستمر.
.
ان كل ما سبق ولّد حاجة ملحة لتوسيع أنشطة الدعم النفسي والاجتماعي المنظمة للأطفال والعائلات، بما في ذلك الأنشطة الترفيهية غير المنهجية، وإدارة حالات حماية الأطفال المعرضين للخطر، بما في ذلك خطر عمالة الأطفال و التسرب من المدرسة، وأوضاع الأطفال ذوي الإعاقة.
بالإضافة إلى أنشطة الرعاية الذاتية التي يحتاجها العاملون ومقدمو خدمات الصحة النفسية والاجتماعية للطلاب وأولياء الأمور والمعلمين.
.
وبالتالي، فإن الدعم النفسي-الاجتماعي الى جانب حاجات التمكين والبقاء هو أحد أهم الاحتياجات الأساسية والملحة للإنسان الفلسطيني لتعزيز صموده. وخاصة الأطفال والنساء، لأنهم يعتبرون الأكثر ضعفا في السياق الفلسطيني. فالأطفال لديهم حساسية عالية وقابلية للتأثر بمثل هذه الحالات من العنف والعنف المنظم، مما يشير إلى أن النضج والنمو الطبيعي للطفولة ونظرتهم إلى المحيط مهددة وعرضة للتشوه الإدراكي والمعرفي، مما يحجب عنهم النظرة الإيجابية للمستقبل والأمل. ان هذا يؤدي إلى المزيد من العراقيل أمام تنمية المجتمع، بما في ذلك تهديد الحق في التعليم، والحق في الصحة ، والحق في اللعب، إلى جانب الحقوق الأخرى. كذلك، فإن المرأة تعتبر من الشخصيات الرئيسة في الأسرة الفلسطينية والمسؤولة عن رعايتها. وهي المتلقي لأية صدمة أسرية وأي عبء مؤلم، لأنها من يقدم الرعاية الرئيسية لنفسها ولأطفالها.
.
وعليه، فإن مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، بصفته منظمة فلسطينية متخصصة تقدم خدمات نفسية واجتماعية للناجين من التعذيب والعنف المنظم، يبذل كل الجهود للمساهمة في تلبية الاحتياجات العاجلة من خلال تقديم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي-الاجتماعي في الضفة الغربية بما يشمل القدس من خلال العمل الميداني المكثف، والتنسيق مع المؤسسات الأخرى، ومن خلال خط العيادة النفسية الهاتفية المجانية، ومن خلال التدخل في حالات الطوارئ ووقت الأزمات عبر الإسعاف النفسي الأولي.